RSS

للحصول على اخر الاخبار اول باول وقت حصولها يمكنك الاشتراك بخدمة RSS عبر الرابط التالي:

الارشيف


الاسبوع الماضي







االشريط الاخباري


تصويت

ما الذي يشدك الى الموقع

أخبار البلدة
الأبراج
الحكم
القصص الجميلة
التعليقات


محرر اونلاين

 


اعزائي زوار الموقع اتمنى واياكم عاماً ملؤه السلام والامان والتعالي على الجراح .


 


القائمة البريدية

البريد الالكتروني:




اكثر المقالات قراءة






يوميات المشبّه بالمواطن سعيد عاش عالبرغــــل

منتديات صحنايا > المنتدى الاجتماعي

يوميات المشبّه بالمواطن سعيد عاش عالبرغــــل
يوميات المشبّه بالمواطن سعيد عاش عالبرغــــل

سعيد عاش عالبرغل* من العربان الذين يتقنون فن ( الـنـّـَق )، والنق في قاموس العوام، هو التذمر والتشكيّ ، من الأوضاع الإجتماعية، والاقتصادية والسياسية، والعاطفية .

يوميات المشبّه بالمواطن سعيد عاش عالبرغــــل .. بقلم: عماد يوسف
مقالات واراء

 


وهو برغم معرفته الدقيقة ببواطن الأمور، والضرب بالمندل ، وكشف المخبأ والمستور، يدرك تمام الإدراك بأنه من شرفاء مواطني دول العالم الثالث المغمور . الغني بالثروات، والمنهوب الخيرات، من الزعامات والسلطات، و نظم العولمة التي جلبت له الويلات .

ولكنّ سعيد عاش عالبرغل، بالرغم من هذه القناعات، لا ينفك " ينقّ " كنقيق الضفادع التي تطغى على خرير الجداول! فتارة ينتقد القوانين، وتارة أخرى يعلّق على حبس أحد المتهمين ، أمّا تارة ثالثة ، فيتصدى لأحد المثقفين المحسوبين، الذين يهلّلون ويكبرّون لمجتمع الرخاء الذي ينعم بالرفاه والبنين، وما فيه حضارة وقوانين .

وبالرغم من عراكه الدائم مع زوجته أولاً، ومع أخوته في اللحم والدمّ ثانياً، ومع جاره البقّال، ومع سائق السرفيس والشيّال . ومع مختار الحيّ وفرّانه، وأصحابه وخلاّنه. ومع البلدية، والشرطة والدوريّة، وفي دوائر الدولة والمحافظة، وفي توزيع الأعمال والمحاصصة .

بالرغم من كل هذا، فهو لا يملّ من النـقّ، صباح مساء، وعلى الغداء والعشاء .

 

وليس هذا فحسب؛ فقد وصلت الجرأة فيه أن انتقد البرغل نفسه الذي يحمل إسمه، وإدعى بأنه من المأكولات الهامشية، وليس الرئيسية، وأنه غير عريق في التاريخ البشري، وليس له سلالة عائلية مشهورة، ولا ينتمي إلى سلالات الغذاء العالمية المعروفة والعزيزة كالأرز، والحمّص، والعدس والدجاج واللحم واللقز، وغيرها من أنواع الغذاء البشري .

وقال في البرغل أشياء أوشكت أن تشكّل لديه ( لولا عفو الله في آخر لحظة) إنسلاخاً طبقياً، كان سيعرف بدايته ولم يكن ليعرف نهايته ؟! ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ ؛ فقد تجرأ في إحدى  اللحظات الوجدانية مع رفاقه في العمل على أن ينتقد ألوان الشوارع ، نعم ألوان الشوارع والأبنية والمحلات ، والمقاصف والكازينوهات! بحجة أن ألوانها تافهة، وغير إنسانية ولا تعبرّ إلاّ عن الحزن والتخلف، وبؤس المصير، فلماذا لا يكون جدار مؤسسة رسمية مثلاً باللون الأحمر بدل الرمادي، وأن تكون لها بوابات واسعة من الحديد الجميل، مصفوفة بالأزهار، والورود النادرة ؟ وما معنى أن يكون للمدارس وأسوارها ألوان كالرمادي الغامق، والعفني المرّ قّع، والأصفر الباهت الذي يشبه لون طقوس الموت الجنائزية ؟ لماذا لا تكون المدارس بألوان الفوشيا مثلاً ؟! أو السكلما " البنفسجي " ، أو اللازوردي ، نعم ما الذي يمنع ؟! أم أن اللازورد هو حكر على لون البحر ؟ ونحن في بلد أحوج ما نكون فيها إلى الورود البيضاء، والحمراء والزهراء، وغيرها .

أم أن قدرنا أن تكون كلّ ورودنا عنقاء، شمطاء، عوجاء ؟! لا.. بالتأكيد هذا غير صحيح ! نحن مجتمعات حظينا ونحظى باحترام العالم ، فها هي أمريكا بجبروتها وقوتها وعظمتها، لم تتجرأ على غزو العراق قبل أن تأخذ مشورة دول العالم الأخرى .

 

وصحيح أن هذه الدول لم تشارك في الغزو بإستثناء بعضها، لكنها كانت على دراية بها، ولم نؤخذ على حين غــــــرّة ، كما كان يحصل في التاريخ القديم ! ويكفينا أن إسرائيل بعدّتها وقوتها، تبحر عبر المحيطات لتجلس إلى وفودنا الفلسطينية، وتناقشهم، وتحاورهم بمصيرها ومصير المنطقة بالرغم من أن وفودنا تذهب إلى هناك خالية الوفاض، وليس هذا وحسب، بل إنهم يلتقطون لنا الصور التذكارية  التي تحمل الإبتسامات التاريخية، والتي تطوي في كلّ مرّة، جزءاً ً هاماً من القضية !   
 

وهكــــــذا دوالــيك؛ يظلّ سعيد عاش عالبرغل يغني على ليلاه ، وكلّ على غير ليلى سعيد يغني ! حتى وصل الأمر إلى أن ملّـته الناس، وملّهم، وكرهوه وكرهم، وناؤا عنه وناء عنهم .

وخاصة بعد ذلك اليوم المشؤوم الذي تجرأ فيه وانتقد ربطة العنق الخاصة بمديره  واحتج على لونها!! وبأنها غير متناسقة مع لون بدلته الفاخرة . وتلك كانت الطّامة الكبرى، ويمكن القول بأنها القشّة التي قصمت ظهر البعير . فقد أصبح سعيد عاش عالبرغل أكثر تهميشاً، وأقسى تعنيفاً، وأشقى تعذيباً، وأكثر تخويناً، وتحولت حياته إلى جحيم، بعد أن أضاع ما كان يتمتع به من بعض النعيم، وسلمّ بأمور دنياه أيما تسليم، واحتسب مثنى وثلاث، وأعلن عن ذنبه قرباناً للتكفير، ثم بدأ يضع الخطط والرسومات، ليمحو ماكان من أفكاره  تخلفاً وسوء تدبير .

في البداية فكرّ بإصدار بيان، ولكنه عاد واستنكف عن الفكرة خوفاً من أن ’يحسب من تيار سياسي، فيسبب له الويلات والمآسي . ثم قرر أن يعتكف النــقّ، وأن يعلنَ على الملأ سياسته الجديدة في تغيير خارطة حياته اليومية،  ويجعلها خالية من كلّ الشوائب والحشرات الطفيلية، بما فيها الناموس، والضمير، والأخلاق، والمشاعر الوطنية، والنزاهة الإنسانية، والوجدان، والدبّان، والــبقّ .  ونحا ذاك النحو، عندما وقف إلى زملاء العمل في سراديب البهو ، وصرخ فيهم :

 

أنا سعيد عايش عالبرغل أعلن لكم، من موقعي هذا وأنا لست بكامل قواي العقلية، وفي غياب كامل لمشاعري وأحاسيسي الوطنية، بأنني قد قررت أن أتوقف عن سياسة النّـق ، وأن أترّبص بكل نـقّيـق، وبكل من يحاول تعكير صفوَ أبواق الثورة بنقـّه ، والتصدّي لكل شهيق يشبه النعيق، ولكل زفير يأتي من رذيلٍ، وأن أباغضَّ  أعداء الوطن ، وأصادق عشاق الألوان الغامقة، وأن لا أتطلع إلى خلف الأسوار، وأن أكون مقداماً مغوار، فإن رضوا رضيت’، وإن صلوا صلّيت’، وإن بكوا بكيت، وإن ذكروا اولياء الأمر حيـّيت’ . وأتعهد بأنني عن الـّنـق تخلّـيت، ومن النقـّـد إنتهيت .. وأن تكون سياستي من الآن .......... ! و للأســف لم يكمل سعيد عاش عالبرغل خطابه، لأنه مع لفظة أن تكون سيــاستي  ... كان زملائه قد انفضوا من حوله راكضين ، كلّ في اتجاه مختلف ...!!؟ 

 

 

* البــرغـــل :

من الأكلات الشعبية في منطقة بلاد الشام يصنع من القمح بعد سلقه وجرشه، فيتحول إلى حبوب متكسّرة، طرّية بعض الشيء مثل حبوب الأرز .

2010-01-28 20:45:04
عدد القراءات: 710
الكاتب: admin
المصدر: منقول سيريانيوز
طباعة






التعليقات