الى غزة

الى غزةالى غزة


لا تسدل الستارة عن جريمة مروعة في غزة إلا وترتفع على مشهد لجريمة انسانية أخرى يطأطئ لها العالم حزناً وأسى دون أن يبدر منه فعل غير الرؤية والتحسر ..



في الأمس القريب ارتكبت قوات الاحتلال جريمة بشعة بكل ماتحويه هذه الكلمة من معنى حين جمعت أكثر من 130 فلسطينياً كباراً وصغاراً ونساء في إحدى البيوت بحي الزيتون ثم عمدت إلى قصفه بالدبابات وتركت الناس تحت أنقاض المنزل ومنعت طواقم الاسعاف من الوصول إلى الناجين أربعة ايام .. ليتفاجأ هؤلاء عندما تمكنوا من الوصول بوجود 30 جثة وعدداً كبيراً من المصابين بينهم أطفال معلقون بأجساد أمهاتهم .. أربعة أيام وهؤلاء الأطفال يقضونها مع جثث أهاليهم بلا مأكل ولامشرب ولا دفء سوى دموع الفراق والرعب ورائحة الموت التي تسكن أرجاء المنزل المهدم .‏

أحد الأطفال الناجين وعمره 13 عاماً روى بعضاً من مشاهد تلك الجريمة المروعة حين اقتادته قوات الاحتلال وعائلته إلى المبنى الذي استهدف في وقت لاحق وقال : عندما ذهبت لأطمئن على أمي وجدتها ميتة واخي ميت بجوارها وأخي الأكبر محمد ميت وكذلك أصغر أخوتي الذي كان في حجر أمي .‏

لن نتابع هذا المشهد المؤثر من المسرحية لأن فصلاً آخر من المسرحية قاطعه وفيه يبارك الكونغرس الأمريكي العدوان على غزة حيث أعلن بفرعيه الجمهوري والديمقراطي تأييده للعدوان بأغلبية 390 صوتاً مقابل خمسة وقد حذا حذوه مجلس النواب يوم الجمعة الماضي بل وقدم الكونغرس فوق ذلك صكوك البراءة لاسرائيل إلتزاماً لايتزعزع كما وصفه قرار الكونغرس بأمن اسرائيل .. وتتصاعد المواقف الدرامية في المشهد الأمريكي فلم تعد تكفي عبارات التبرير والمباركة بل لابد من فعل يدعم هذا التوجه فكان قرار البنتاغون عن مناقصة لشحن 325 حاوية من الأسلحة لاسرائيل على أن لايتجاوز موعد التسليم نهاية الشهر الجاري .. يا لهذه الحفلة الدامية ألا تكفي ترسانة العدو الصهيوني المنهمرة كالأمطار على بيوت وشوارع ومساجد غزة حتى تضاف اليها أمطار الموت الأمريكي ، مجلس الأمن ذلك المتخصص في النقد المسرحي لم يجد في جرائم غزة التي حصدت أرواح أكثر من 800 شخص وآلاف المصابين مايدعوه إلى التحرك بسرعة لمعالجة المجزرة بل ترك الروتين يأخذ مداه أكثر من مداه إلى أن توصل إلى قرار هجين لم يساو بين الجلاد والضحية فقط بل أعطى للجلاد مشروعية القتل وطالب الضحية بضبط النفس والتحلي بالصبر وكأن المقاومة هي من تقصف تل أبيب بالطائرات والدبابات والبوارج الحربية .. بعد كل تلك المشاهد القاسية أي سلام تتوقعه اسرائيل وأمريكا من العرب ومن أبنائهم .. بعد طوفان الغضب الذي زرعته جرائمهم في النفوس ... هل يعتقد أوباما وجورج بوش أن كذبة أمريكا ستنطلي على العرب أو حتى على أغبيائهم .. انهم بدؤوا تاريخاً أسود غير مدركين بأن غيرهم له القدرة أن يكتب في هذا التاريخ مايشاء إذا استغضب


Imad Soueiti .:. 2009-01-19  

عنوان التعليق*:

اسم الكاتب*:

نص التعليق*: