2024-09-28 23:22:52
- من أجل زهرة

من أجل زهرة







كان احتفال مهيب يوم عرس ابن أحد الأمراء الفرنسيين على "ماريان" ابنة الكونت فيليب. وفضّل العروسان بعد خروجهما من الكنيسة أن يسير الموكب على الأقدام حيث أنه وقت الربيع والزهور الجميلة تملأ الشوارع.

وفي غمرة سعادة العروسين، لمحت "ماريان" شاب آخر يسير في الاتجاه المضاد ... شاب يبدو عليه إمارات الفقر والبؤس والحزن ... يبكي بحرقة و هو يسير وراء نعش لا يوجد عليه زهرة واحدة حسب عادات أهل البلدة ... و أراد منظمي موكب العروسين أن يرجع موكب الجنازة و يفسح الطريق للعروسين ... فإذا "ماريان" تلمح عيني الرجل الحزين و الدموع تنهمر بحرقة منهما ... فما كان منها إلا أن خلعت زهرة جميلة من إكليلها الباهظ الثمن ووضعته بلطف على النعش ... و أمرت الموكب أن يفسح الطريق للموكب الحزين حتى يصل إلى الكنيسة ... فتأثر الرجل و انخرط في البكاء ...

و بعد مرور عشرين عاماً، اندلعت الثورة الفرنسية ... و بدأ الحاكم الجديد ينتقم من الأمراء والنبلاء ...

و أصدر أمراً بإبادة ذوي المكانة من النبلاء ... و أراد أن يتشفى بمنظرهم ... لذلك جلس على منصة كبيرة.

و كان يقف أمامه كل من كان تهمته إنه ينتمي لهذه الطبقة الغنية ... وقف أمامه شاب وأخته وأمهما ...

و كان الشاب ثائراً وحاول أن يدافع عن أهله لأنه لا يوجد عليهم أي تهمة ... و لكن الحاكم أمر بإعدام الثلاثة في الساعة التاسعة مساءاً ... فاقتادهم الحارس للسجن ... و في الثامنة مساءاً، ذهب ليقتادهم للإعدام ... ولكنه سلّم السيدة خطاباً ... و طلب منها ألا تفتحه إلا بعد الساعة التاسعة ... فاندهشت السيدة جداً ... فهذا هو موعد تنفيذ الحكم ... و لكنه سار بهم إلى طريق يصل إلى مركب تبحر إلى إنجلترا ... وأركبهم المركب دون أن ينطق بكلمة ... و أمر البحّار أن يبحر وسط ذهولهم .... و كانت الساعة قد وصلت التاسعة .... ففتحت السيدة الخطاب وهي لا تفهم شيئاً ... فوجدت مكتوب فيه ...

" منذ عشرين سنة، في يوم زواجك ... وضعتِ زهرة جميلة من إكليلك على نعش شقيقتي الوحيدة ... و لا يمكنني أن أنسى هذه الزهرة ما حييت ... لذلك أنقذتك من الموت، أنت و ابنك و ابنتك ... فهذا دين علي ..."


زهرة أنقذت ثلاث أنفس من الموت ....حقاً يا عزيزي إن كان هذا الرجل لم ينس عمل محبة صغير تم منذ عشرين سنة و قدم لمن عملت معه هذا العمل مكافأة أعظم بكثير، فهل ينسى الله ما تقدمه لأجله .... من تضحية و خدمة و صوم ... فلا يكافئك عنها !

إنّ كلمة مشجعة تقولها لإنسان بائس ....ابتسامة لإنسان حزين ....عطية صغيرة لإنسان محتاج ... تترك أعظم الأثر في هذه النفوس ...

د. شاهين
د. شاهين .:. 2010-10-15


admin