2024-09-22 22:15:22
أم عظيمة في بلدتتنا

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق


عندما وقفت على شاطئ بحر بيروت لتودع أهلها المهاجرين إلى بلاد ما وراءالبحار حاملة بين يديها طفلتها الصغيرة وإلى جانبها زوجها الذي ذرف الدموع لوداعهم عرفت بأنهم أصبحوا وحيدين في هذه الحياة وعليهم أن يجٌدفوا في خضم هذا العالم لوحدهم وأن يتحملوا عباب البحر وموجاته العاتية وما ستخبئه الحياة لهم من تحديات وهموم ومصاعب.
لكنها لم تكن تعلم أنها ستصبح يوماً تلك المنارة التي تستهدي إليها كل السفن العابرة و رسولة لضيعتها الواقفة على سفح جبل حرمون تحمل الرسالة على كاهلها وتغدو سفيرة لبلدها الصغير.
حيث لم تكن تعلم ما سينتظرها مثل كل الزوجات وبدأت رحلة الكفاح والتحدي والصبر تقضيها إلى جانب زوجها وعائلته الصغيرة.
هذه المرأة التي نشأت وترعرعت على تعاليم جدها (كاهن القرية) حبيب الحداد الذي احتضن أولاده وأحفاده وعلمهم ورباهم وأعطاهم من خبرته التي اكتسبها من ترحاله عبر البحار إلى الأمريكيتين.
لقد عرفت ونهلت منذ نعومة أظفارها أن الحياة رحلة عطاء وتفاني ونكران للذات ومحبة للقريب وعطف على الفقير،وأن الحياة رسالة محبة وعلم وهذا ما علمته بدورها لتلامذتها عندما أصبحت معلمة في ضيعتها الصغيرة في غرفة بسيطة تعلم فيها جميع أولاد القرية بلا استثناء وتساعدهم في كل ما يحتاجون إليه.
ربطت مصيرها بمصير زوجها الذي كان كل شيء بالنسبة لها فأصبح الهم والعمر والمصير واحد،وبدأت معه رحلة الغربة في البلاد البعيدة وقاست معه كل الظلم والتعب وكل المصائب التي واجهتهم.
لقد مرت عليها سنوات عجاف طويلة فاختزلت في شخصها الأم والأب والعالم كله ولم تحد عن مبادئها وقيمها قيد انملة،وعبرت شاطئ الأمان وهي تحمل بين يديها عائلتها الصغيرة وأبنائها الستة محملين بالعلم والمعرفة والأخلاق الحميدة،فأعطت كل ماتملك لعائلتها وزوجها ولكل الناس المحتاجين ولم تبخل عليهم بشيء رغم شح وظلم الحياة لها. حمت ورعت عائلتها بدموع عينيها وسقتهم الحنان والحب وعلمتهم أن الحياة رسالة محبة وتضحية.
إنها ينبوع المحبة والعطاء الذي لاينضب ولولا الحياء لقلت نبع محبة. وهاهي الآن عندما أراها واقفة في فسحة باحة الدار متكئة على عكازها بنظرتها الممتلئة حباً وحناناً وكبرياء محتضنةً زوجها وأولادها وأحفادها أرى العالم كله فيها.
ليس من باب المدح أن يعبر الإنسان عن عظمة هذه الأم  فكل الأمهات عظيمات، لكن لكل تاريخ استثناء وهذه الأم هي الزوجة والأم الإستثناء إنها الأم الفاضلة المربية التي كانت دائما في الظل لتبعث نور حقيقي تمثل بشباب وصبايا نهلوا من أعلى مراتب العلم والمعرفة وتحلوا بالأخلاق الحميدة والسيرة الحسنة إنها السيدة عليا حداد (أم مشرق ) زوجة الأستاذ المربي الفاضل إسبر الغزال  لها حبنا وإحترامنا وتقديرنا ومعايدتنا الصادقة وكل عام وجميع الأمهات بألف ألف خير   . 

          أسرة الموقع

 



أسرة الموقع