2024-09-21 03:35:58
- ميلاد مجيد

- ميلاد مجيد



يسعدني أن أتقدم منكم بالمعايدة الصادقة من خلال هذه الرسالة بعنوان:الميلاد بين الخوف والفرح
يوسف خائف على صيته وعلاقته بشريكة حياته، العذراء مريم خائفة من مجتمعها الذي وفي أية لحظة قد يحكم عليها بالرجم. ولا شك أنه كان هناك خوف في قلب طفل المغارة لم يتكلم عنه أحد... والرعاة خافوا خوفاً عظيماً. المجوس خائفون من بعد المسافات وظلام الليالي. وهيرودوس خائف على عرشه. خوف تتناقله الأجيال كوباء متفش بين الأفراد والجماعات، يتغير في المكان والزمان ويبقى الإنسان ضحية له. خوف من قوى الطبيعة، خوف من الأمراض...وفي عصرنا خوف من الصواريخ والقذائف وحوادث السير والطير والبحر...ولعل الخوف الأكبر، في ميلاد 2011 وعلى مداخل 2012 من الحروب الطائفية والمذهبية وصراعات الحضارات في العالم، وخوف المسيحيين في الشرق من الاضطهاد والتعصب... وخوف في الوطن من الفقر والنزاعات وعدم احترام كرامة الإنسان وحقوقه. وخوف في قلب كل واحد على معاشه ومعيشته ومؤسسته ونجاحه ومصيره... وكلنا محكوم عليه بالخوف من الموت.من فلسطين إلى مصر وسوريا... مهد الديانات تتحول إلى أرض الخوف!! ولماذا كل هذا الخوف؟ إنه سر الخوف من مشاهدة عظمة الله وسماع كلامه، بسبب المعصية

.في خضم هذا الخوف، يصدح الملائكة مبشرين بفرح عظيم لجميع الشعب! وتستهل السماء دعوتها إلى الناس قائلة: لا تخافوا، فإن لكم المسرة. يوسف يهلل لصوت الملاك. العذراء تفرح لاختبار سر التجسد. الطفل الإلهي سعيد لبداية عهد الخلاص. الرعاة يندهشون ويغنون. والمجوس يقدمون الهدايا.من أين كل هذا الفرح؟ إنه سر التحرر من المعصية والخطيئة. وها هو باكورة الحرية الجديدة يطل من مذود، ليشاهد الناس عظمة الله بحبور وابتهاج، فينقضي زمان الخوف بميلاد المسيح.أما خوف هيرودوس فيتحول إلى جريمة لأن صاحبه لم يختبر سر التحرر في سر الميلاد.
وكما في ميلاد الأمس كذلك في ميلاد اليوم 2011. العالم في غم وقلق! يغرق في الخوف. أزمات اقتصادية غربا، وأنهار دماء شرقا. هل سيتحول خوف العالم إلى فرح أم إلى جريمة؟ الجواب يتوقف على مدى تحرر هذا العالم من الشر واقتناعه بسلام الميلاد وحبه. وما جرائم اليوم في شرقنا إلا نتيجة لعبودية الإنسان لذاته ولمعصية كلمة الله الداعية إلى المحبة. إنها وليدة التكاذب وعدم احترام الآخر وعدم الرغبة بقبوله كأخ متساو في الحقوق والكرامة.

أما نحن ففرحنا بالميلاد عظيم، لا يلغيه حزن الموت ولا بشاعة الجريمة. على نور الميلاد نرى الماضي سلسلة من التدخلات الخلاصية، والحاضر كتلة من الشجاعة والمستقبل مشرقا بالرجاء. لن يقتل الخوف ما في داخلنا من إيمان وعزيمة وما نريد من عدالة وحب، إذ لا خوف في المحبة، بل المحبة تطرح الخوف خارجاً. لن ينزع أحد منا الرغبة في المساواة والتلاقي، لا بل عهد علينا أن ننزع من قلوبنا الفزع من الآخر ونمد له يد التعاون. إننا جزء من إنسانيّةٍ تغامر لتتحد بالله الآتي ليتحد بها متجسدا، من أجل وحدة أفرادها بعضهم ببعض كأخوة. هكذا تكون الإنسانية معيدة بالعيد وفي ميلاد متجدد، متجهة نحو عام جديد ونحو أيام قادمة تبشر بالخير والسلام.

وكل عام وأنتم بألف خير. ميلاد مجيد وعام سعيد


صديق للكل .:. 2011-12-28

admin