2024-09-18 21:14:32
أنّات بيئية

إن كنت تسكن في قرية أو بلدة كصحنايا في ربوع غوطة دمشق ، و إذا كنت قد ولدت في أحضان الطبيعة الخلابة ، وسط غابات أشجار الزيتون المتضاحكة أو كروم العنب و التين و المشمش الخيرة

أنّات بيئية

إن كنت تسكن في قرية أو بلدة كصحنايا في ربوع غوطة دمشق ، و إذا كنت قد ولدت في أحضان الطبيعة الخلابة ، وسط غابات أشجار الزيتون المتضاحكة أو كروم العنب و التين و المشمش الخيرة ،أو في ظلال الزيتون و الياسمين و الورد الجوري العبقة ،في إحدى حلقات ذلك الزنار الزمردي الجميل ، الذي يلف بشوق دائم دمشق الحبيبة ،فيعصهما بالجمال و الوقار و الخير و الخضرة و النضرة ... لا شك أنه ينتابك شعور بأن تطمئن على ما بقي من هذه الأشجار و البساتين و الورود و تتمنى أن تعاين أوراقها ورقة و تداعب أغصانها غصنا و تتمنى أن تحمل لها الماء و الغذاء و تنظف ما حواها و تزيل ما تركته أيدي العابثين من نفايات و أوساخ و أكياس النايلون التي تعمل على خنق هذه الأشجار و النباتات .... و لكن أن يشعل أحدهم نارا للشواء أو غيره و يتركها في مهب الريح لتنشط و تتوقد فتلتهم الأوراق و الأشجار و تنتقل من شجرة إلى أختها فهذا بلا شك فعل إثم يندرج تحت منظومة الجرائم و أشكال العدوان على الطبيعة بل على الحياة ، التي تستوجب العقوبات الصارمة المترتبة على اقتراب جرائم كبرى.

فيما كنا نقوم بممارسة رياضة المشي كان ثمة دخان أسود كثيف يتصاعد من مصدر قرب شجرة زيتون تتأوه من شدة الحرارة و ترتعد أوصالها و يشتد ألمها من هذا الظلم و الجور، و لكنها كانت تستغيث بصمت و وقار و كبرياء فما كان منا و لاسيما أم دريد إلا أن اقتحمنا المكان و أخذنا نهيا التراب بسرعة على النار و بدقائق محدودة اندحرت ألسنة النار فانزاح الخوف عن الشجرة و بدت علائم الرضا على أوراقها و أغصانها .

ها هي إذا الطبيعة تئن و تشكو من ظلم الناس و عدوانهم و تستصرخ أصحاب العقول النيرة لإنقاذها من معاول الهدم و من اقتلاع الأشجار و لا سيما أشجار الزيتون ، و هي تتألم من الأوساخ و النفايات و أكوام القمامة.

و هي تشكو أيضا من دخان السيارات التي تشع حرارة و تطلق الدخان و الغازات السامة فتضفي أجواء من الكآبة على النفوس فيا معشر البشر العقلاء هلا أرهفا السمع إلى أنين البيئة و شكوى الطبيعة و تنادينا جميعا ، كل في مجاله و عمله و شارعه و منزله ، إلى صون النبات الأخضر و الحفاظ على أشجار الزيتون و العنب و التين و الياسمين و الزيزفون و الورود و كل أفراد العائلة الخضراء.

و يا أهل صحنايا الكرام لنكن جميعا ورشة عمل دائمة طوعية و حقيقية لإكثار النبات الأخضر و حمايته من أذى العابثين و الجاهلين و الطامعين .

عفاف لطف الله



admin