2024-09-19 11:04:15
- متى يستيقظ القطاع العام ؟؟ ...

- متى يستيقظ القطاع العام ؟؟ ...

 - متى يستيقظ القطاع العام ؟؟ ...
مقالات واراء

يومٌ وراءه يوم والشركات التجارية الخاصة تزيد في النماء والقدرة والعطاء والربح الوفير ..

ويومٌ وراءه يوم والشركات الكبرى الخاصّة تفتتح فروعاً لها في بلدنا ، لعلمها أنها ستحقق نجاحاً وتوسعاً ومزيداً من الربح .!


ويومٌ وراءه يوم و العمّال "الصنايعية" الشباب ينجحون في محلاتهم ، ثم يفتتحون محلات صغيرة ، ثم  تكبر محلاتهم ، ثم تصبح شركات ومؤسسات ضخمة .. بل ويصل أصحابها (صنايعية الأمس) إلى مناصب عليا ويدخلون غرفة التجارة والصناعة وغيرها ..

ويومٌ وراءه يوم والقطاع العام يهوي في بعض جنباته ويتهاوى في بعضها ..وهو الذي بدأ كبيراً ، لا ينقصه المال ، ولا الخبرة ، ولا الدعم ولا الأيدي العاملة ....

ويوم وراءه يوم والقطاع العام يُدعَم ثمّ يُدعَم ثم يُدعم ، وكلّ ذلك الدعم لا نرى منه إلا إفلاساً ، وانهياراً ، وفشلاً ، وقد أصبح مرتعاً خصباً لما بات يُعرف بالبطالة المقنّعة ..

متى سنقف وقفة جادة نفكّر فيها كما يفكّر أصحاب رؤوس الأموال في القطاع الخاص بإدارة قطاعاتهم الخاصة لندير قطاعنا العام بنفس الطريقة ؟

لماذا أغلقت الكرنك .. وبردى .. وكادت تلحقها المؤسسة العامة  للنقل الداخلي وغيرها الكثير ؟؟

ومتى سيبق القطاع العام يستنزف من دم الوطن الغالي الميزانيات الخاسرة ، والمليارات المهدورة ، والجهود الضائعة ؟

لماذا لا يكون القسم الرابح في القطاع العام كالاتصالات مثلاً - لماذا لا يكون هو القسم الذي يدعم الوطن وينهض به بدلاً من أن يكون الراقع الذي يسد الخروق ..

ألا ترون أن المثل الذي يقول : "اتسع الخرق على الراقع" ينطبق القول فيه على أقسام القطاع العام التي تسد عجز الأقسام الأخرى ؟

متى يصبح القطاع العام هو القطاع الرائد الذي يقوم بالبلد ، يدعم البنية التحتية ، يدعم المرافق والركائز الأساسية في البلد بدلاً من أن يبق الجرح الذي يسنزف دم الرجل القوي .. والذي لا يدري متى يشحب وجهه ويعييه الإجهاد ؟

وما الذي ينقص القطاع العام ليصبح كما القطاع الخاص قوياً ، متجدداً ، متوسعاً ، متطوراً ، مواكباً ، دائم الربح والنجاح ؟

السيد وزير المالية أكّد دعمه للقطاع العام مؤخراً ، وكثيرون من المسؤولين أكدوا ذلك ، ومن هنا وهناك تصدح أصوات تؤكّد على أهمية القطاع العام ومحاربة الخصخصة ..

ولكن إلى متى سيستمر الدعم ؟

إلى متى سيبقى الفساد يستنزف من دم القطاع العام ويأكل من ثروات الوطن ؟

إلى متى سيبقى الموظف يفتتح أول الشهر بحساب الأيام المتبقية لآخر الشهر ؟

وإلى متى يعمل موظّف القطاع العام من أجل حساب الساعات التي تحقق له الراتب الشهري ، ويعمل موظّف القطاع الخاص ليُحقق النجاح وينجر المهمّة المنسوبة إليه على أكمل وجه ؟

إلى متى يترقى موظّف القطاع العام بالطريقة التقليدية والتي تعمل فيها الواسطة والمحسوبيات ، ويترقى موظف القطاع الخاص نتيجة لكفاءته والنتاج الذي قدّمه للمؤسسة التي يعمل بها ؟

لماذا في القطاع الخاص الرواتب أعلى والأجور أعلى والمكافآت أعلى غير مصاريف الإعلانات الباهظة ، ورغم ذلك تجد الربح يتنامى فيه ، والشركة تفتتح الفروع ، وتنمو وتزدهر ، والخسارة تصيب القطاع العام في مقتل ..

قيل كثيراً عن مسألة الإصلاح أنها تبدأ من القاعدة  .. أي من الأسفل للأعلى ..

و القطاع العام يجب إصلاحه من كل الجهات  من اليمين واليسار والعمق وكلّ مكان ..

نظام التوظيف ، نظام التسعير ، نظام التبادل ، نظام الترقية ، نظام التشابكات بين المؤسسات ، وكلّ ذلك بحاجة تأهيل وتطوير وإعادة بناء ..

هذه الموارد التي تُستنزف من دم الوطن الوطن بحاجة إليها ..

وهذه الأموال التي يبذلها القطاع العام هباءً منثوراً كان من الأَولى أن تعود على الوطن بالنفع والفائدة والبناء ..

فإن كنا إلى الآن ندّعي أننا نحصد نتاج الاستعمار الذي جثم فوق ترابنا عشرات السنين ، يجب ان نسأل انفسنا لماذا القطاع الخاص يعمل وكأنه يعيش في بلاد لم تطأها قدم مستعمر يوماً ما ..؟



بقلم : إبراهيم مسك