2024-09-19 23:26:33
العنف الجنسي ضد الأطفال...محاولة للاقتراب من الحقيقة

العنف الجنسي ضد الأطفال...محاولة للاقتراب من الحقيقة

العنف الجنسي ضد الأطفال...محاولة للاقتراب من الحقيقة
تحقيقات

أطباء : 1% من الحالات يتم التبليغ عنها فقط و60% من المعتدين أقرباء

وزارة الشؤون: قربياً مركز للضحايا وخط هاتف بمتناول الأطفال لنجدتهم

"أحضر لي علبة دخان وسأعطيك صوصين من المدجنة"، بهذا العرض المغري لأي طفل لامتلاك صوص صغير- قام (غ . د - 35 عاماً) باستدراج الطفل (ع) ذي التسع سنوات إلى المدجنة القريبة حيث اعتدى عليه جنسياً في 8/2/2010.


builddex

وخلال الاعتداء الجنسي بدأ الطفل (ع) بالنزف مما اضطر المعتدي (غ . د) للابتعاد عنه والقيام بمسح الدم بمحارم - وجدت في المدجنة لاحقاً من قبل الشرطة - فاستغل الطفل انشغال المعتدي وهرب إلى منزله راكضاً يملؤه الخوف والألم ليروي لأمه ما حدث معه.

تقرير الطب الشرعي (اطلعت عليه سيريانيوز) بيّن ان "وجود سحجات ووزمة واحمرار حول فوهة الشرج" غير ان طبيبا شرعيا، (رفض الكشف عن اسمه) لفت الى أنه "لو سجل التقرير وجود تمزق لفوهة الشرج فإن تهمة الاغتصاب لا تثبت على الجاني إلا من خلال التحقيق...!"

والد الطفل المعتدى عليه بكى بحرقة لاغتصاب ابنه، لكنه على الرغم من ذلك "يشكر الله على عودة طفله حياً، فأغلب جرائم الاغتصاب التي سمع عنها انتهت بمقتل الطفل أو الطفلة المغتصبة".

 

 

حادثة أخرى ومحاولات اعتداء

في حادثة أخرى، كشف مصدر مطلع عن "تعرض الطفل (م-م) للاغتصاب، رغم أن عمره لم يتجاوز الثلاث سنوات، وذلك بمنطقة التضامن – دمشق في 11/1/2010"، وتضمن التقرير الطبي (اطلعت سيريانيوز عليه) أن الطفل يشكو من "شق شرجي نازف بطول نصف سم".

حالات الاغتصاب تتفاقم هذا ما أكد مصدر طبي مطلع حيث كشف عن "ورود 11 حالة لمحاولات اعتداء عليهم، منذ بداية العام الجاري 2010، كان آخرها في شهر آذار الحالي".

 

 

الخوف من الفضيحة

وأكد طبيب شرعي-تحفظ على اسمه- أن " نسبة التبليغ عن الاعتداء الجنسي هي 1% من الحالات الحقيقية فقط" مبيناً أن "العديد من العائلات تتكتم على الحادثة خوفاً من الفضيحة، والبعض الأخر يتوجه إلى الأطباء غير الشرعيين كالأطباء المحليين والذين لا يقومون بالتبليغ عن الحادث".

وأضاف ذات المصدر"الحقيقة أن الطفل الذي يصارح أهله باغتصابه يصبح هدفاً سهلاً للاعتداء مرة ثانية" لافتاً إلى أن "حالات التبليغ عن الذكور المعتدى عليهم أكثر بكثير من التبليغ عن جرائم اغتصاب الإناث".

وقال الدكتور ياسر صافي علي، رئيس المركز الوطني للطب الشرعي التابع لوزارة الصحة في سوريا، أن "المركز يحاول دراسة الواقع وإجراء التأهيل الخاص بالكادر الفني الطبي والإداري وتأمين التجهيزات اللازمة ضمن الإمكانات المتاحة لفروعه لكافة المحافظات السورية الـ 14"

وأضاف صافي أن"تفعيل دور الطبابة الشرعية ودعمها سيمكنا من إصدار إحصائيات دقيقة عن حالات الاعتداءات بشكل عام واغتصاب الأطفال بشكل خاص للحد منها".

 

 

الفحص اغتصاب للمرة الثانية

انتقد طبيب –تحفظ على اسمه- طريقة كشف ومعاينة حالات اغتصاب الأطفال، وذهب في رأيه إلى اعتبار "فحص الطفل المُعتدى عليه لدى أقسام الشرطة أو لدى الطبيب هي حالة اغتصاب ثانية".

في هذا الصدد قال رئيس المركز الوطني للطبابة الشرعية، ياسر صافي علي أن "أهم ما يجب أن تقوم به الطبابة الشرعية هو الحفاظ على سرية الحالة الخاصة بالطفل المُغتَصب ومنع حالة الفحص المتواجدة حالياً للأطفال المعتدى عليهم والتي تحدث في ظروف غير مناسبة، والطفل لا يفرق بين الحالتين (حالة الفحص وحالة الاعتداء) فلا فرق بين الطبيب والمعتدي وهذه إشكالية ويجب علينا أن نشرح للطفل ونوضح له لماذا نقوم بالكشف عن أعضاءه والاقتراب منها مرة أخرى".

وأضاف صافي أنه "يجب تأهيل مكان مخصص لفحص الأطفال المعتدى عليهم بحيث يتم التواصل مع الطفل بطريقة علمية لا تخدش الطفل ولا تسيء له بوجود أشخاص من ذوي الإختصاص من علم النفس وعلم الاجتماع والطب الشرعي ضمن مراكز الطبابة الشرعية، ومتابعة الحالات من أقسام الشرطة حتى العلاج، بحيث يدخل الضحية من باب و يخرج من باب آخر حماية له من الآثار النفسية السيئة"

 

 

احصاءات و...دراسة

وباطلاع سيريانيوز على المعاينات التي راجعت مركز الطبابة الشرعية بدمشق للعنف ضد الأطفال خلال عام 2009 بينت مراجعة 566 حالة منهم 339 ذكر تعرض 99 منهم لفحص اعتداء جنسي، و240 منهم لفحص اعتداء بالضرب.

فيم كان عدد الإناث في ذات المعاينات 227 أنثى، تعرض 131 منهن لفحص اعتداء جنسي، و95 لفحص اعتداء بالضرب.

وبينت احصائية للمعاينات التي راجعت مركز الطبابة الشرعية بحلب للعنف ضد الأطفال والمرأة، والتي تمكنت سيريانيوز من الاطلاع عليها بشكل حصري، ورود 990 حالة للمعاينة بنسبة 44% لمعاينات الاعتداءات الجنسية فكان 18% من المعاينات للذكور و82% معاينة للإناث.

وفي دراسة، تم تزويدنا بها من المركز الوطني للطبابة الشرعية، أجريت في مدينة حمص عام 2008 حول ظاهرة اضطهاد الأطفال، تبين ان هناك 27 حالة اضطهاد جسدي موزعة على (2 حالة اغتصاب- 3 لواطة- 1 فعل منافي للحشمة- 1 كان الفحص سلبي).

وبلغ عدد المعاينات الجنسية الواردة إلى مركز الطبابة الشرعية في حمص 404 معاينة لعام 2009 من أصل 7525 معاينة.

 

 

مرصد ومركز للعنف الأسري

بدورها الهيئة السورية لشؤون الأسرة، وضعت خطة الوطنية لحماية الطفل، منذ نحو خمس سنوات، وتضمنت إنشاء مركز متخصص لحماية الأسرة، وإعداد كادر مؤهل للعمل ضمن المركز، إلا أن المركز لم يتم افتتاحه لغاية الآن.

وعن تأهيل الكوادر الخاصة بالعمل ضمن مركز حماية الأسرة المزمع افتتاحه قريبا، قال مدير السياسات والاستراتيجيات في الهيئة السورية لشؤون الأسرة، ياسر علي، لسيريانيوز "تم اعتماد دبلوم حماية الطفل لتأهيل كادر خاص للعمل ضمن مركز حماية الأسرة، وتم تخريج الدفعة الأولى وسيتم بعد فترة تخريج الدفعة الثانية".

وفيما يتعلق بمركز حماية الأسرة وفاعليته قال علي"المركز يتم إعادة تأهيله حالياً بمنطقة قدسيا لاستقبال حالات العنف الأسري كالضرب وسفاح القربى و التحرش وغيرها من حالات" مبيناً "السبب في تأخر إنجاز المركز يعود إلى الحاجة إلى الجانب القانوني حيث لا يتضمن القانون بنوداً خاصة لإنشاء المركز" مشيراً إلى "الحاجة الحقيقية للبنية التحتية للخروج إلى هذا المشروع من تكاتف بين الوزارات و الشرطة المجتمعية ومراكز خاصة لإيواء الطفل المُعَنف و الحاجة إلى نظام تحويل للحالات المُعَنفة إلى مركز حماية الأسرة"

وكشف ياسر علي لسيريانيوز عن "تجربة جديدة سيتم إطلاقها هذا العام بإحداث مرصد للعنف الأسري لتقديم إحصاءات دقيقة عن هذه المشكلة والقيام بدراسات تحلل المشكلة وتقدم الحلول" موضحاً أنه تم "التعاقد مع 12 نقطة رصد لحالات العنف من بينها 3 مراكز شرطة وعدة مشافٍ وعدد من الجمعيات الأهلية".

 

 

الاعتداءات الجنسية حالات فقط وليست ظاهرة!

من ناحيتها مديرية الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بوصفها الجهة الرسمية المعنية بوضع سياسات وبرامج لحماية الأطفال الضحايا، اعتبرت على لسان مديرها ماهر رزق بأنه "لا توجد لدينا هذه الظاهرة وإنما هي حالات فقط" وعلق على الإحصاءات المتوفرة لدينا بالقول "اعتقد أننا نتكلم بمستوى العشرات وليس الملايين، فالمشكلة لدينا بثقافة التكتم السائدة في المجتمع، وللأسف أغلب حالات الاغتصاب تتم ضمن الأسرة وتبقى ضمن هذا الإطار وهذا يعيق تدخل أي جهة لعدم معرفتنا بها أساساً".

وعن وجود مأوى مخصص للأطفال المُغتصبين قال رزق "لا يوجد أي مأوى" مؤكداً أن "الخدمات الاجتماعية والبرامج لمساعدة الأطفال المُعتدى عليهم ليست منوطة بالوزارة والجهات الحكومية فقط وإنما هناك العديد من الجمعيات الأهلية المتخصصة بشؤون الطفولة، والتوجه العالمي الآن لتقديم الخدمات الاجتماعية من قِبل المؤسسات الأهلية، وهذا هو توجه الوزارة حالياً حيث تم في السنوات الأخيرة توقيع عقود شراكة مع عدد من الجمعيات لانتهاج تجربة تشاركيه معها".

وكشف رزق أن "مأوى حماية الأسرة سيكون جاهزاً خلال عام 2010" مبيناً أن "مكان الطفل المُعتدى عليه من قبل شخص من خارج الأسرة سيبقى ضمن أسرته، وستقوم الجمعيات الأهلية المختصة بتقديم الخدمات ضمن أسرته كون التأهيل النفسي لا يكون للطفل فقط وإنما لأسرته أيضاً كي لا يتم ظلم الطفل مرة ثانية من طرف أهله".

وفيما يتعلق بورود حالات من الاعتداءات الجنسية إلى وزارة الشؤون قال رزق"بالتأكيد هناك عدد من الحالات وتم تقديم حلول فردية فنحن نتعامل مع هذه الحالات تجاوزاً لعدم وجود تشريع خاص بها بعد، وهذه الحالات(حيث يكون المعتدي من الأقرباء) تم وضعها في الميتم وفقاً لتوجه الوزارة تجاه هذه الحالات".

وكشف مدير الخدمات الاجتماعية عن "قرب إطلاق خط النجدة للأطفال، والذي سيكون تحت إشراف إحدى الجمعيات، وسيتم تبليغ الأطفال عن الرقم من خلال المدارس، وسترتبط هذه المكالمات بالتحقق والمتابعة والعلاج".

وعن وجود خطة علاج أو تأهيل خاصة بالطفل المغتَصِب بيّن رزق "عدم وجود أي خطة تتعلق بعلاجهم أو إعادة تأهيلهم".

 

 

احتمال 80% بتحول الطفل المعتدى عليه إلى شاذ جنسياً

وتحدثت الأخصائية الاجتماعية كبرية الساعور لسيريانيوز عن "الآثار السلبية على الطفل عقب الإيذاء الجنسي وهي آثار آنية و آثار مستقبلية، حيث أكدت الدراسات أن ثلث الأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجنسية يتحولون من ضحية إلى مسيء في مرحلة المراهقة وما بعد، وهناك احتمال (80%) بتحول الطفل المعتدى عليه إلى شاذ جنسياً عندما يبلغ، فالكثير من المسيئين يحوي تاريخهم على محاولات إساءة وذكريات مؤلمة".

وأكدت الساعور أن "الطريقة الأفضل لحماية الطفل من الأذية الجنسية تكون من خلال الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية...وتعليم الطفل العادات السلوكية الصحيحة فكما نعلمهم عدم تناول الطعام دون غسل اليدين نعلمهم أسماء أعضاء الجسم كافة ووظيفتها ونزرع فكرة أن هذه الأعضاء غالية علينا والبعض منها له خصوصيته ولا يجب أن نكشفه لأحد أو نترك أي شخص الاقتراب منه ولمسه، كما ينبغي أن نسمح للطفل بالكلام والسؤال ومن هنا يتدرب الأطفال على قواعد الأمان الذاتي...قواعد حماية أنفسهم".

وفيما يتعلق بمداعبة الأهل لأطفالهم من باب التحبب بينت الساعور"أن هذا التودد هو انتهاك لحقوق الطفل ولابد من وجود تربية مجتمعية من خلال وسائل الإعلام والمرشدين الاجتماعيين وتوعية الأطفال وتعليمهم قواعد الأمان ونشجعهم على التبليغ عن مثل هذا الموضوع".

 

 

60% من المعتدين هم من المقربين للطفل

وفي لقاء سابق مع الطبيب النفسي وضاح الحجار أكد أن الاعتداء الجنسي هو "مرض نفسي نتيجة تعرض المعتدي لحالة مشابهة في طفولته ولم يستطع التعبير عنها فكبتها لفترة من الزمن ثم جاء الوقت لإخراجها، بالإضافة للتعرض للأذى الجسدي والشقاق بين الوالدين والحرمان الشديد من العواطف"

وعن الطريقة الأفضل للتعامل مع الطفل المغتَصب قال حجار" بالاعتداء الجنسي يفقد الطفل الشعور بالأمان و60% من المعتدين يكونوا من المقربين للطفل ويؤدي ذلك لفقدان الثقة بالأشخاص خاصة أن الطفل يتعامل مع الكل بعفوية والكل مصدر ثقة بالنسبة له وإن لم يتم تقوية شخصية الطفل من جديد أصبح أكثر عرضة لذات الفعل مرة أخرى، ويجب أن نعرضه لاختلاط طبيعي مع المجتمع".

وبيّن حجار أن "عقوبة السجن ليست كافية للمعتدي بل هي فرصة كي يتعلم أكثر، ففي المجتمعات المغلقة (كالسجن) تزيد نسبة الممارسات اللاخلاقية فكيف هو الحال إن دخل شخص غير طبيعي فالبذرة لديه ستتخمر وتخرج بصورة أسوأ" مؤكداً على ضرورة "تأمين علاج نفسي واجتماعي للمعتدي لأنه في الأساس ضحية ونحن ننظر إلى اليوم الذي اعتدى فيه ولا ننظر إلى عشرة آلاف يوم كان فيها مُعتدى عليه... هذا الإنسان له الحق في العلاج".

 

 

قوانين "مطاطة" وتحتاج "للتفريد"

رغم تشديد العقوبات على المعتدين منذ عام 1979 إلا أن الجرائم استمرت وأصبحت تطال أطفال في سن الرابعة"، هذا ما قاله المحامي نزيه معلوف عن جرائم اغتصاب الأطفال في سوريا.

وتابع معلوف"قانون العقوبات لم يميز بين الاعتداء على طفل في الرابعة من عمره أو في الثانية عشر من عمره، فيجب التشدد بالعقوبة كلما كان سن الطفل أقل" مبيناً أن "فعل الاغتصاب وفقا لقانون العقوبات هو الذي يقع على الإناث فقط فيما يطلق على اغتصاب الأطفال من الذكور بالفعل المنافي للحشمة".

وتتراوح مدة العقوبة على المعتدي بين 3 إلى 21سنة في كل من جرائم الاغتصاب والأفعال المنافية للحشمة، ولفت معلوف إلى أن"كل ما يحتاجه قانون العقوبات السورية هو التفريد في العقاب، بمعنى أن المحاكم تحاكم مجرم ولا تحاكم جريمة، أي ليست كل الجرائم بعقوبة واحدة، بل كل جريمة لها حالتها الخاصة، فاغتصاب طفلة في الخامسة ليس كاغتصاب فتاة في الثامنة عشر من عمرها".



admin منقول