2024-09-21 09:48:00
مدرسة الشيوخ في صحنايا

مدرسة الشيخ

مدرسة الشيوخ في صحنايا :


في الخمسينات من القرن الماضي في صحنايا رعيل كبير من المشايخ الذين تعتز بهم صحنايا وتعتبرهم قادة فكر ومدرسة في التعامل بين الناس والذي قادني لأن أطرق هذا الباب اليوم هو الكّم  الكبير من الناس الذي أصبح يعامل بعضه بعضاًً بعدم الثقة وبعدم المسؤولية وبعد احترام التوقيع والقول والعهد .
من جملة هؤلاء المشايخ كان الشيخ الكبير أبو علي حسين عقل , وهو من أئمة القوم في كل شي , والصدفة وحدها جمعت جدّتي الست أم ابراهيم سارة المعروفة أيضاً بصدقيتها سيما وهي قابلة البلدة والبلدان المجاورة وصدف وجود قطعة أرض للشيخ أبو علي بجانب أراضينا , وصدف أن اتفقت معه على شراء هذهالأرض وتم الاتفاق على بيع أرضه ودفعت أم ابراهيم للشيخ كامل الثمن بواسطة أهل الخير , ولم يكتب عقد بيع وشراء لهذه الأرض كما لم يكتب أي إيصال ولا أي وثيقة تثبت هذا البيع , وبقيت هذه الأرض دون تسجيل أونقل ملكية مدة ثلاث عشرة سنة , وخلال هذه الفترة كان البائع الشيخ أبو علي يوسط بعض المشايخ والجيران والأقرباء لكي تقوم الشارية بتقل ملكية الأرض وكانت الثقة هي وحدها التي تؤخر نقل الملكية والاطمئنان النفسي الذي كان يسود العلاقات بين الناس .
وبعد مرور ثلاث عشرة سنة طرق بابنا يوماً ودخل وفد كبير من المشايخ منهم كاهن القرية ودخلوا بهيبتهم أكليلة الدار , وفعلاً كان الوفد من أجلاّء القوم القوم وتعجبت السيدة أم ابراهيم كما تعجبنا لهذا الوفد الكبير , ولكن المتقدم في الشيوخ وهو كاهن البلدة قال: نحن مكلفين من قبل الشيخ أبو علي حسين عقل بان تقومي بنقل ملكية الأرض التي اشتريتها منه , ونحن لن نتناول القهوة الآبعد ان تعد بنقل الملكية ونحن مكلفين من قبل الشيخ بهذه " الكدة "

فقالت لهم قبل كل شيء أهلاً وسهلاً بكم جمعياً وانا اشتريت الأرض من فضيلة الشيخ أبو علي وأعرف أنه لو عرضت عليه الدنيا ثمناً لهذه الأرض فهو لن يعود عن وعد قطعه .

هذه حادثةأسوقها باختصار عن أشكال البيع والثقة المتبادلة بين الناس في صحنايا لأن ماوصلت إليه الأمور بعقود الشراء والبيع في هذا الزمن يدعو للسخرية فالتزير بالتواقيع وبيع ما يملك وما لا يملك أصبح " موضة" العصر ولا أحد يسأل عن سمعته . فالمهم ان تصبح غنياً بأي شكل وباي أسلوب .
صحنايا كانت بالخمسينات والستينات من القرن الماضي ولا يوجد فيها دعوى واحدة ,واذا حصل وأن أقيمت دعوى يلتفت الناس حول المتقايضين ويحلون الأمر أو الاشكال بالطرق الودية ودون أن تصل إلى القضاء اليوم في صحنايا ما ينوف عن خمسماية دعوى حتى بين الأخ وأخيه.

حتى بين أفراد الأسرة الواحدة ونزاع الورثة أصبح مدار حديث السهرات في البلدة.
آه ياشيخ أبو علي حسين غيّبك الزمن والتراب الذي ارتد على جدك أصبح طاهراً مثلك .
لا أريدك أن تسمع باخبار هذا الزمن فأنت رمحاً عشت وبقيت ومن مثلك يبقى واقفاً وإن مات .
كلمة أخيرة أريدك أن تسمعها إن مدرستكم باقية وما زالت باقية .

خليل لطف الله


خليل لطف الله .:. 2008-09-03 14:09:02 .:. 91.144.59.48
حذف 

admin