2024-09-22 00:29:09
85% من السوريين لم يزوروا الطبيب النفسي رغم حاجتهم له

خجلنا من زيارة الطبيب النفسي فغدت أختي في مشفى ابن سينا"طبيب نفسي " 80% من زواري نساء "من المهم أن تعرف ماهي شخصية المريض أكثر مما تعرف ماهو مرضه " قال ذلك أبقراط في القرن الخامس قبل الميلاد للإشارة على أهمية الطب النفسي، وبعد مرور 2500 لم يقتنع الكثي

85% من السوريين لم يزوروا الطبيب النفسي رغم حاجتهم له
تحقيقات

"خجلنا من زيارة الطبيب النفسي فغدت أختي في مشفى ابن سينا"

طبيب نفسي " 80% من زواري نساء "

"من المهم أن تعرف ماهي شخصية المريض أكثر مما تعرف ماهو مرضه "  قال ذلك أبقراط  في القرن الخامس قبل الميلاد  للإشارة على أهمية الطب النفسي، وبعد مرور 2500  لم يقتنع الكثير منا بان يزور طبيبا نفسيا رغم حاجته لهذه الزيارة.


كريت

أظهر استبيان على عينة عشوائية قامت به سيريا نيوز  أن 85% من الشارع السوري  لم يزوروا الطبيب النفسي طيلة حياتهم على الرغم  من حاجة  60% منهم لهذه الزيارة بحسب ما أظهر الاستبيان .

وعزى الكثير ممن شملهم الاستبيان امتناعهم عن الذهاب إلى الطبيب النفسي لأسباب تراوحت بين اتهام المجتمع لزائر العيادة النفسية بـ "المختل عقليا" ، أو "لضعف معلومات المعالجين بسورية مقارنة بلبنان والدول الأخرى".

 

وعن هذا تقول مدى ديب ( هندسة عمارة ) " على الرغم من الحاجة الماسة للمجتمع السوري لوجود الطبيب النفسي وحاجة كل أسرة للإرشاد مازال الاهتمام الجاد بهذا العلم  ضعيف خاصة مع وجود أطباء ليس لديها وقت إلا للحالات المستعصية نظرا لقلة عدد المختصين وكثرة المرضى ، متجاهلين حاجة كل شخص ليتكلم عن همومه التي باتت تثقل كاهله ".

أما سامره ( ربة منزل ) تعارض الذهاب إلى الطبيب النفسي أو حتى السماح لأحد أبنائها معتبرة أن" الأطباء بحاجة إلى علاج أكثر من المرضى أنفسهم ، إضافة لحرصي على سمعة من أحبهم من هذه المغامرة ".

 

وأظهر الاستبيان حقيقة القلق من نظرة المجتمع حيث فضل 58 % من العينة التي شملها الاستبيان أن لايخبروا أحد في حال اختاروا الذهاب للطبيب النفسي تجنباً للنظرة الجارحة لأحد الجوار لدى علمه بهذه الزيارة .

 

خجلنا من زيارة الطبيب النفسي فغدت أختي في مشفى ابن سينا

ووسط كل من يعارض الاستعانة بالأطباء النفسيين ترفع (م،م) صوتها عله يصل لكل معارض للمعالجة النفسية خاصة بعد تجربة أختها التي "قصمت ظهرها" بحسب تعبيرها .

وتروي (م،م) لنا حكايتها فتقول " فجأةً أصيبت أختي بما يشبه الاكتئاب دون أن نعرف سببه وحاولنا جاهدين استيعاب وضعها ورافضين فكرة معالجتها لدى الطبيب النفسي خوفا من القيل والقال ونعتها بالمجنونة وبالتالي هروب العرسان عنها وعني".

 

تتابع " غدا وضعها أكثر سوءا وبدأت تصرخ ليلا وأحيانا تسير بنومها ،وأمام سوء حالتها قررنا اصطحابها مجبرين للطبيب الذي طلب إحالتها لمشفى ابن سينا لتلقي العلاج الذي بات مستحيلا مع تدهور وضعها الصحي، وبحسب تشخيص الطبيب أكد أن نقص أحد المعادن بجسمها أدى لإصابتها بالكآبة ملقيا اللوم علينا لعدم معالجتها مع بداية المرض الذي لم يكن يحتاج سوى علبة دواء واحدة لإعادة هذا المعدن ".

 

اليوم بدأت( م ، م )تحاول جاهدة نشر ثقافة الطب النفسي في محيطها من خلال حكاية أختها ليتعظ كل معارض، إضافة لمتابعتها وضع أبنائها النفسي بين الحين والآخر لدى طبيبهم الخاص .

ولكن حتى "رسالة" ( م، م ) تلقى معارضة من البعض ، حيث تنظر رجاء الى تجربتها مع الطب النفسي بشكل اخر حيث أصيبت" بثقب بالمعدة وتوتر بالأعصاب نتيجة الأدوية المختلفة التي تلقتها من الأخصائيين النفسيين كحل لاكتئابها الذي لم ينته إلى الآن ، مؤكدةً  أنها بحاجة لمن  ينصت لهمومها وليس للأدوية ".

 

"ارتحت من فوبيا الصراصير بعد زيارة الطبيب خلسة عن أهلي"

" كل خيال يمر بسرعة كنت أتخيله صرصور ، أحلامي مليئة بهذه الحشرة، والحمام لا أدخله إلا بعد تفتيشه ورش المبيدات الحشرية ، وفي حال تجرأ صرصور وخرج من مخبأه يموت من صراخي ورجفان جسدي وشحوب وجهي قبل أن يموت بحذاء أمي أو أخي وأحيانا حذاء الجيران الذين التموا على صوتي ".

 

ذكرت سلام هذه العبارات  بنوع من الهدوء بررته بانتهاء معاناتها مع هذه الحشرة  بعد زيارتها للطبيب خلسة عن أهلها  فتقول "رغم كافة  الأعراض الواضحة التي أصاب بها بعد رؤيتي للصرصور رفض أهلي زيارتي للطبيب خوفا من  حدوث الصدفة العجيبة فيلمحني أحد الجوار  أدخل إلى العيادة وبالتالي نعتي بالمختلة عقليا  ، فاختاروا عذابي على الفضيحة ..فقررت بما أني بالغة وراشدة اختيار الراحة والمعالجة لدى الطبيب "

 

وتابعت "في الزيارة التالية للطبيب وعدني أنه سيضع يدي بعلبة مليئة بالصراصير فانقطعت عن  زيارته وبدأت أحاول أن أؤكد لنفسي بأن هذه الحشرة لاتأكل وأكثر ما يمكنها فعله أن تدغدغ جسدي ، وأعتقد أني نوعا ما نجحت".

 

طبيب نفسي " 80% من زوار عيادتي نساء "

زارت سيريانيوز عيادة الدكتور محمد الدندل أخصائي  بالأمراض النفسية والعصبية  حيث التقينا بغرفة الانتظار ربا ( 28عام ، ربة منزل ) التي قصدت الطبيب برفقة زوجها للتخلص من حالة التشنجات التي تصيبها بين حين وآخر فتقول " أقمت بعد زواجي بمنزل أهل زوجي ، وكان من واجبات قاطني  المنزل القيام بالتنظيف بشكل مبالغ به ، وبعد انتقالي للسكن ببيت مستقل بدأت التشنجات تصيب جسدي عند بدئي بالتنظيف ، لذلك أتيت للمعالجة علي أجد الراحة ".

الدكتور محمد الدندل قال في لقاء مع سيريانيوز "حوالي 80 % من زوار عيادتي نساء وهذا لا يعني أن الإناث هن الأكثر عرضة للأمراض النفسية" مرجعاً السبب لذكورية المجتمع ونقص في حقوقهن ، إضافة لكون المرأة  أكثر صدقاُ مع الذات وأقل مكابرة من الرجل، "فهي لا تجد ضيرا في طلب المساعدة والعلاج عكس الرجال ، مع أنها أكثر قدرة على تحمل ضغوطات الحياة".

 

وأشار دندل لأصناف زوار عيادته قائلاً " قسم من المراجعين لا تنطبق عليهم المعايير المرضية فهم ليسوا مرضى بالمعنى المتعارف عليه، و كل ما يحتاجونه شكل من أشكال  التعمق بفهم الذات ، والمساعدة لمواجهة مصاعب الحياة ويشكلون 40% من الزوار، وقسم أخر من المراجعين قد يعاني من أحد الأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو القلق أو الفصام".

 

الشعوذة والاعلام وراء عزوف السوريين عن مراجعة الطبيب النفسي

النظرة السلبية للبعض تجاه الطب النفسي والأخصائيين عزاها دندل " لقصر عمر الاختصاص وما يكتنفه من جهل لدى العامة, فالكثيرون لا يملكون معلومات واضحة وعلمية عن الطب النفسي، ، وحتى بعض الأطباء من اختصاصات أخرى ليس لديهم صورة صحيحة عنه، وأيضاً هناك بعض الأطباء النفسيين مسؤولين عن نقل صورة سلبية فالطبيب المعالج ينبغي أن يكون مطلع وعلى ثقافة عالية ليصبح قادراً على التعامل مع الناس جميعاً ، فالمريض ينقل الانطباع  للآخرين ".

 

وأشار إلى" انتشار الشعوذة بين الكثيرين من أبناء مجتمعنا، الامر الذي يجعل الطب النفسي الملجأ الأخير بعد  دورة طويلة على الدجالين والمنجمين، فالغالبية في سورية يميلون إلى التفسير الغيبي للظواهر وليس للتفسير العلمي المبني على  التجربة".

 

ولفت دندل إلى دور الإعلام السلبي بنقل صورة المريض النفسي وتصويره ككائن غريب لا يمت للواقع بصلة ، " فتظهر الدراما المصاب بالفصام على سبيل المثال  بصورة مضحكة كأن يحرك يديه بطريقة غريبة غير حقيقة وهذا يسهم بتكريس الأفكار المغلوطة ".

 

ما ذكره الطبيب النفسي أيده الدكتور محمد العمر (رئيس قسم الإعلام بدمشق) قائلا " إن الإعلام السوري مقصر بنشر ثقافة المعالجة التفسية والتي تعتبر أمر اعتيادي ببعض البلاد الأجنبية ، وأحيانا يتطور الأمر بنقل واقع غير حقيقي عن الأطباء والمرضى النفسيين ، لذا يجب أن يهتم الإعلام بكافة أنواعه المطبوعة والمرئية  بإظهار الأمر على حقيقته ".

 



منقول سيريانيوز