- قصة الأم العوراء

- قصة الأم العوراء- قصة الأم العوراء

هذه قصة واقعية وحدثت بالفعل:
يحكى أن امرأة عوراء عاشت الحياة وقسوتها بعد رحيل زوجها وقد خلف لها ولدا بلا سند مادي أو معنوي فعملت بعين واحدة لتقوم بتربية طفلها الذي بدأ يكبر أدخلته المدرسة وهي تمسح دمعة مراقة في أول يوم مدرسة له وهي ذكرى عزيزة على قلب كل أم وقد بدأ وليدها ينسلخ عنها لم تطق صبرا على بعده لحقت به إلى المدرسة لتطمئن عليه وعندما عادا إلى البيت لمحت مظاهر الحزن على وجه ابنها سألته السب أجاب الطفل بكل براءة :لا أريدك أن تأتي إلى المدرسة لقد سخر رفاقي منك ومن عينك المقلوعة,لم تهتم الأم لملاحظة وحيدها معللة صراحته بعفوية الطفولة..
مرت الأيام والأم تسقي وحيدها من نبع حنانها وعطائها حتى غدا يافعا تفتخر به وتزهو بشبابه وتألقه لكنه أصر في كل مناسبة على إبعادها عن حياته لخجله منها ومن عينها المقلوعة كي لا يحرج بشكلها وإذا تصادف ولمحها أحد أصدقائه تثور ثائرته ويتفوه بأفظع الألفاظ ويجبرها أن تختفي أمام خلانه ورفاقه ..تلملم الأم جراح عاهتها في نفسها المطعونة بسيف أغلى الناس ,ولا تملك سوى عين واحدة للبكاء تذرف دمعها بسخاء حزنا على الدنيا وأساها وتدعو لولدها بالهداية وتحاول أن تعوض عن عينها بإغداق حنانها وعطفها ..لكنها اكتشفت أن لا سبيل لإقناع ولدها بقبول عاهتها حين فضل الهروب منها وعنها واثر الدراسة في أميركيا حيث يحرر من أمه وانقطع حتى عن مراسلتها إلا قليلا عندما يحتاج إلى المال أو المعونة ..ومرت الأيام ..سمعت من أهل لها وأقارب أن ولدها قد تزوج ورزق بأبناء فقامت واستجمعت ما لديه من قوة ومال يعيناها على السفر إليه فيفرح هذا القلب المكلوم ولو قليلا وتلقى أحفادها الصغار وقد ذاب قلبها حبا عليهم..
حملت ما حملت من هدايا وقصدت البلد البعيد,فتحت كنتها لها الباب,فرحبت بها وأسرعت لتبشر زوجها بقدوم أمه ,خرج الابن متجهم الوجه وبادرها بفظاظة الولد العاق :لماذا لحقتني إلى هنا ؟الم أهرب منك؟ ماذا تريدين مني؟
وكأنها صاعقة نزلت على رأس الأم المسكينة,لم تحتمل الصدمة خرجت من عنده وكادت تقع أرضا ..تحاملت على جراحها ..وعادت إلى بلدها حيث الحدة والكرامة على نفس الطائرة التي أقلتها.
مر الزمان وصار الولد أبا فعرف قيمة الأب والأم ,وفي يقظة ضمير ندم على فظاعته وفظاظته فقرر العودة إلى البلد لزيارة أمه ليستغفرها على فعلته ..قصد بيتها ليفاجأ بأنها رحلت عنه إلى شقة تكاد تكون مأوى لا بيتا ,لكن المأوى أيضا مغلق..سأل الجيران عنها فأجابوه أنها فارقت الحياة قبل أيام قليلة لكنها تركت له رسالة .
أمسك بالرسالة بيد انتابتها رجفة الحسرة ,قرأ فيها:
ولدي الغالي : يعز علي أن أفارق الدنيا دون أن أراك ,لكنها رغبتك أن أظل بعيدة عنك كي لا تحرج برؤية امرأة عوراء ,لكن سأحكي لك حكاية أخفيتها عنك عمرا كي لا أحملك منيتي ..
عندما كنت طفل صغير تعرضت لحادث مريع ذهب بعينك ,ولم يكن هناك بديل عن أن أهبك عيني ترى بها الدنيا ..أما أنا فتكفيني عين واحدة أرى بها وجهك الغالي

فيا ترى كيف أكمل هذا الولد العاق حياته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




ابو جمال .:. 2009-04-30

عنوان التعليق*:

اسم الكاتب*:

نص التعليق*: