RSS

للحصول على اخر الاخبار اول باول وقت حصولها يمكنك الاشتراك بخدمة RSS عبر الرابط التالي:

الارشيف


الاسبوع الماضي







االشريط الاخباري


تصويت

ما الذي يشدك الى الموقع

أخبار البلدة
الأبراج
الحكم
القصص الجميلة
التعليقات


محرر اونلاين

 


اعزائي زوار الموقع اتمنى واياكم عاماً ملؤه السلام والامان والتعالي على الجراح .


 


القائمة البريدية

البريد الالكتروني:




القرارات الإرتجالية وصناعة الفشل

-------------

 
 
 
القرارات الحكومية الإرتجالية وصناعة الفشل.. بقلم: نزار علي
مقالات واراء

لا يحتاج الأمر أن تكون حاصلاً على درجة الدكتوراه في الاقتصاد لتكتشف أنه عندما يناط بك إدارة اقتصاد دولة ما فيجب عليك أولاً الابتعاد عن الارتجال في القرارات ,, إنها ليست مزرعة أو شركة تجارية أو (دكان) سمانة , إنها دولة قائمة بحد ذاتها. الأمر ليس لعبة الكترونية افتراضية نمارسها في أوقات الفراغ لقتل الوقت . كل قرار اقتصادي يتم اتخاذه له أبعاده و تأثيراته على ملايين الناس و على مدى عشرات السنين .


(بلا معلمية )عليك أولاً   أيها الاقتصادي المسؤول عن اقتصادنا  أن تدرس تجارب الدول الأخرى, تدرس نجاحاتها و فشلها , و لا تتصور نفسك أنك بقدرة قادر(قوة خارقة للطبيعة) سوف تقلب المعايير و تغيير القوانين الاقتصادية , تلك القوانين التي تطلبت صياغتها دراسة مئات التجارب و تعاقب على تمحيصها  مئات العلماء , ليأتي مسؤول ما .. ومن مكتبه المكّيف (لن يكون لهذه الكلمة الوقع المطلوب بسبب اعتدال الطقس في هذه الفترة ) الفاخر ليضرب عرض الحائط بكل العلوم التي تلقاها (في الكلية ) و كل النصائح التي سمعها و يغمض عينيه و يوقع على القرار ..

 

لنتناول بالتحليل قرارين كارثيين بامتياز صدرا بعد قدوم حكومة (الإنقاذ )العتيدة و التي استبشرنا خيراً فيها في البداية و لكن على ما يبدو لم يدم هذا ( الاستبشار ) طويلاً.

 

القرار الأول : قرار تخفيض سعر المازوت بحجة أن ذالك سيحسن الواقع المعاشي للمواطن ....  من أين أبدأ لا أعرف ولكن لو كان هناك  تقويم  (روزنامة ) في مكاتب المسؤولين عن الاقتصاد, لكان أي مسؤول اقتصادي قد لاحظ أننا في العام 2011  ولو استشار هذا المسؤول أهل الاختصاص (خريجي ما بعد عام 1989) لكان اكتشف أن زمن التدخل المباشر للدولة في الاقتصاد قد ولى منذ أكثر من عشرين عاماً حيث ثبت من الناحية الاقتصادية فشل هذا النهج , و تم استبدال التدخل المباشر بالتدخل غير المباشر للدولة في الاقتصاد و تفاوتت الدول في مدى تدخلها الغير مباشر فبعض الدول تدخلها كبير نسبيا و دول أخرى تدخلها صغير نسبيا و تقوم الدول الآن ( حتى الدول الشيوعية السابقة ) بقيادة الاقتصاد عن طريق ما يسمى ( أدوات السياسة الاقتصادية ) مثال على ذالك إذا أرادت الدولة أن تدعم منتجا وطنيا معينا ..تقوم مثلا بفرض رسوم مرتفعة على الواردات من هذا المنتج وتخفيض الضرائب على مصانعه مثلا , ولا تقوم بمنع استيراده (سياسة البتر ). أي أنه لم تعد أي دولة في العالم الآن تقوم بتسعير المنتجات بل تترك لألية السوق القيام بذالك و تؤثر على هذه الألية  (آلية السوق ) من الخارج  لتدعم سعر سلع معينة وترفع سعر سلع أخرى و تتدخل الدولة في حال حدوث ظلم لطبقة اجتماعية ما تتدخل بعدة وسائل كبرامج دعم العاطلين عن العمل وبرامج الضمان الصحي و غيرها من البرامج الاجتماعية أما موضوع التسعير القسري فقد ثبت فشله منذ منتصف ثمانينات القرن الفائت و حتى قبل ذالك بكثير عندما عجزت الدول الشيوعية عن تحقيق نمو لإقتصادياتها.

 

هذه من الناحية الاقتصادية أما من الناحية الإجتماعية قرار تخفيض سعر المازوت كان له تأثير اجتماعي معاكس تماماً ..و السبب هو التهريب , و السؤال الذي يطرح نفسه هل باستطاعتنا إيقاف التهريب ؟ ..الجواب كلا .. لأن ذالك يتطلب هدرا كبيرا لموارد الدولة  و لا توجد أي دولة في العالم تستطيع ضبط الحدود, نحتاج إلى مئات الآلاف من الخفراء و الجنود لنضبط الحدود و بسبب تعذر تأمين هذا العدد سيكون التهريب حاصل لا محال , خصوصا أن الحدود مع لبنان و الأردن و العراق و حتى تركية لا يمكن ضبطها و هي مأهولة فنجد مثلا قرية نصفها في دولة و نصفها الآخر في دولة أخرى . لا أعرف كم سيتطلب من الوقت و من الجهد لتكتشف الحكومة أن موضوع منع تهريب المازوت عن طريق مراقبة الحدود و الاشتباك مع المهربين هو محض خيال ..

 

ماذا فعلت الحكومة عملياً بعد إصدارها هذا القرار .... الجواب : قامت بهدر موارد الشعب السوري عبثاً  و حققت فشلا ذريعا في إدارة الاقتصاد في وقت الأزمة  لأنه باعتبار أن سعر المازوت مدعوم من قبل الدولة و هذا الدعم يكلف الحكومة مليارات الليرات التي هي من أموال الشعب يتم استنفاذ جزء هام من هذه المليارات لصالح المهربين ..أي أن الدولة وضعت نفسها  (من دون قصد طبعا) في صف المهربين ضد الشعب و سهلت سرقة الشعب من قبل المهربين ...هذا هو ملخص نتائج تخفيض سعر المازوت ... الإحصاءات  و تصريحات الحكومة مرارا و تكرارا تقول أن دعم المازوت سيكلف الدولة أكثر من مئتي مليار ليرة سورية سنوياً..(حوالي 4 مليار دولار أمريكي) .حوالي نصف تكلفة بناء مصفاة نفط نحن بأمس الحاجة لها  .. حيث أن ليتر المازوت يكلف الدولة حوالي 35 ليرة سورية و تبيعه ب 15 ليرة سورية أي هناك فرق 20 ليرة بضرب هذا المقدار بحجم استهلاك سورية من النفط الذي سيبلغ حوالي 10 مليارات لتر كما بلغ عام 2007 (عندما كان المازوت رخيصاً ويتم تهريبه ) نحصل على رقم 2  و أمامه أحد عشر صفراً أي مائتي مليار ليرة سورية  . و الجدير بالذكر أنه لكي نستشف حجم المازوت المهرب بالعودة للتصريحات الصادرة عن المسؤولين في عام 2009 أي بعد عام واحد على زيادة سعر المازوت تؤكد هذه التصريحات لسيريانيوز أنه انخفض استهلاك المازوت بنسبة 40 % بعد رفع سعره إلى 25 ليرة.

 

السؤال الذي يطرح نفسه ..ما هو الحل ؟   بالطبع الحل هو تحرير سعر المازوت ليصبح مماثلا للسعر العالمي و توزيع هذه المليارات التي يتطلبها ( الدعم ) على برنامج إعانة العاطلين عن العمل أو على الفلاحين كل حسب مساحة أرضه أو على العائلات الفقيرة أو على دعم قطاع النقل مثلاً  ....على الأقل نضمن أن هذه المليارات لن تدخل في جيوب المهربين أو مواطني الدول المجاورة الذين سينعمون برخص المازوت السوري بل ستذهب لجيوب الطبقة المسحوقة من الشعب السوري ... بالإضافة لذاك نكون قد خفضنا تكاليف مراقبة الحدود و المحطات. .قد يقول أحد المنظرين إن وضع هذه المبالغ (جزء من فاتورة دعم المازوت ) في أيدي الناس ذوي الميل الحدي الكبير للاستهلاك ( الفقراء ) بدلا من دعم المحروقات سيؤدي حتما للتضخم .. وهذا صحيح  ولكن أيهما أفضل .. 1-تضخم مع خلق حركة و نمو اقتصادي وتأمين فرص عمل  ؟  2- أو ركود مع خلق جمود وانكماش اقتصادي و بطالة؟. مع الملاحظة أنه في بداية الأحداث لم يطالب أحد من الشعب بتخفيض سعر المازوت .الموضوع تم إثارته من قبل وسائل الإعلام الحكومية عن طريق بعض المنظرين المعروفين. هل سنضع مصيرنا بين أيدي حفنة من المنظرين ؟. ما هو الانطباع الذي يتولد لدى المواطن عند مشاهدة طوابير الباصات و الشاحنات و الميكروباصات متوقفة على أبواب المحطات ؟ إنه شعور بالأزمة ..لماذا نخلق الأزمة ثم نشغل أنفسنا بحلها ؟؟

 

القرار الثاني : هو قرار تعليق الاستيراد الذي أصدره وزير الاقتصاد و تراجع عنه تحت ضغط المنطق و الواقع ..الخطير في هذا الأمر و المؤسف في آن معا أن هذا القرار يعطينا مؤشر على الطريقة الإرتجالية و العبثية التي تفكر فيها الحكومة, وهذه القرار أصاب كل مواطن سوري بالصدمة و القلق ليس بسبب خوف المواطن على رزقه فحسب بل بسبب خوف المواطن على اقتصاده من رجال يلعبون بالاقتصاد كما يلعب الطفل بلعبة الفيديو الخاصة به  ....

 

 هنا أطرح إشارات استفهام كبيرة ما هي ملابسات مثل هذا القرار ؟؟ كيف تم الإعداد له .. ما هي ظروفه ؟؟ ما هي الغاية منه . هل هو محاولة لخلق أزمة ثم نوجه موارد الدولة لحل هذه الأزمة كما في حالة المازوت ؟؟.الحكومة تقول أن القرار صدر من أجل الحفاظ على احتياطي العملات الصعبة و هذا الكلام غير صحيح ...تستطيعين أيها الحكومة المحافظة على الاحتياطي بعدة إجراءات منها تقييد حركة إصدار إجازات الاستيراد مثلا .. تقييد حركة فتح الإعتمادات المستندية مثلا فبدلا من أن تسمحي للتاجر باستيراد 1000 سيارة جديدة (غالية) يمكنك أن تسمحي باستيراد 500 سيارة مستعملة  (رخيصة ) مثلا ً,,

 

تقول الحكومة أيضا أن هدف هذا القرار هو دعم الصناعات المحلية ...و هنا قصدت الحكومة  ما يسمى (الصناعات التحويلية ) بالتحديد ... مهلا ..من قال أن الاقتصاد السوري يعتمد على الصناعة وحدها ..على نعرض اقتصاد بالكامل للخطر من أجل دعم قطاع لا يعتمد عليه الاقتصاد بشكل كبير ؟؟ نسبة مساهمة ( الصناعات التحويلية )  في الناتج المحلي هي 11.5 % وهي تقريبا نفس نسبة العاملين في هذا القطاع من إجمالي اليد العاملة...

 

هل كان من المفترض أن يحولنا هذا القرار إلى دولة صناعية أو ماشابه ذالك ؟؟  هل كانت الحكومة مدركة لحجم الضرر الذي سيلحق بالقطاعات الأخرى و منها الزراعة من أجل دعم قطاع الصناعات التحويلية ؟ لماذا هذه المحاولة لسحبنا إلى الهاوية؟

 

هناك ضغط على الليرة السورية نعم ..هناك عقوبات يتم تطبيقها نعم ..هل يكون الحل بمعاقبة أنفسنا؟؟ هل يكون الحل بإصدار قائمة السلع المسموح استيرادها بدلا من قائمة بالسلع التي يمنع استيرادها؟ ما هذه الهرطقات الاقتصادية..

 

الشيء المثير للتهكم و أقول ذلك بأسف عميق أنه تم تعميم قائمة السلع المسموح استيرادها و من بين هذه السلع المسموحة :  كاميرات للتصوير تحت الماء ... ما هذه الدقة في تحديد احتياجات الشعب ؟ ما هذا الشعور بنبض الشارع ؟...  كاميرا للتصوير تحت الماء هي الشيء الوحيد الذي ينقصني ولكن مهلاً حسب القرار لا أستطيع استيراد بدلات غطس أو معداته  كيف سأستطيع ممارسة هوايتي وهي  التصوير تحت الماء من دون معدات غطس ؟؟.. ( من المحتمل أن مثل هذه الكاميرات تستعمل استعمالات طبية على ما يبدو و لكن كم مواطن سوري يعلم ذالك ؟ أنا علمت ذالك بعد أن قمت بالبحث و لازلت غير متأكد )

 

و الشيء المأساوي أن القرار من حيث الشكل كان كارثياً ..(يمنع استيراد السلع التي يزيد رسمها الجمركي عن 5%) ماهي نسبة الموطنين الذين لديهم نص التعرفة الجمركية الموحدة الذي يتجاوز الألف صفحة .. و كأن الوزير يقول (سأحزركم حزورة) ..سأمنع بعض الأشياء و انتم اكتشفوا ما تم منعه ..هل هي لعبة من نوع ما ؟ كالتي تظهر على شاشات التلفاز ؟؟ جائزة مليون ليرة لمن يعطينا خلال 60 ثانية  عشر سلع تم منعها....

 

مع هذا و مع أن القرار كان جائرا و ارتجاليا بامتياز و مع ذالك كان الشعب مستعدا لتحمل تبعات هذا القرار شعورا منه بالمسؤولية محاولاً أن يكون متعاوناً مع قيادته للتصدي للهجمة المسعورة التي تتعرض لها بلادنا

 

الطريقة الوحيدة لتحسين الواقع المعيشي للناس يكون عن طريق تحقيق نمو اقتصادي مقنع وهذا لا يمكن أن يتم إلا ببرنامج واضح المعالم و تحسين هيكلية الاقتصاد إي إعادة النظر باقتصادنا بشكل جذري ..إذا كان انخفاض سعر الليرة السورية سيؤدي للنمو فلا ضير في ذالك .. تخفيض سعر الليرة و خلق حركة و إنتاج خير من محافظتها على سعرها وخلق جمود ونمو عكسي للاقتصاد ..

 

آن الأوان أن تعيش الحكومة في الواقع .. و تخرج من عزلتها ..و تساهم مع الشعب في اجتياز الأزمة ..آن الأوان أن تعامل هذا الشعب بشكل لائق ..آن الآوان تتحمل المسؤولية تجاه دماء الشهداء التي سالت , هؤلاء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن  وتركوا هذا الوطن أمانة في أعناقنا شعبا وحكومة

2011-10-22 21:31:37
عدد القراءات: 750
الكاتب: أسرة الموقع
المصدر: سيريا نيوز الكاتب نزار العلي
طباعة






التعليقات