يوم للغة الأم

يوم للغة الأم

يوم للغة الأم

في دراسة إحصائية وصفية أجرتها منظمة الأمم المتحدة على نحو سبعمئة لغة قومية في العالم تبين أن نصفها مهددة بالانقراض, الذي تداعى إليه المهتمون في هذه المنظمة فدعوا إلى الاهتمام المركز باللغة الأم في سائر مجتمعات الأرض, ودعوا إلى تخصيص يوم الحادي والعشرين من شهر شباط في كل عام يوماً للغة الأم لما لها من أهمية كبيرة في الحفاظ على الهوية والإرث الحضاري الثقافي لكل شعب أو مجتمع .

وفي البيان الختامي لمؤتمر القمة العربية الذي عقد في دمشق, ولأول مرة في تاريخ القمة العربية تعطى مسألتا التعليم واللغة العربية حيزاً من الاهتمام في البيان, وفي العمل العربي لما لهاتين المسألتين من انعكاسات كبيرة على الإنسان العربي ومستقبله.

لاشك أن نقطة الانطلاق تبدأ دوماً من الطفل في مراحل عمره الأولى أي من مرحلة رياض الأطفال والتعليم الأساسي ومن ثم المراحل التالية, وذلك بتطوير أساليب اللغة العربية ونقلها إلى مرحلة للتعلم والتوظيف والتطبيق والاستخدام الفعلي على نحو سليم, واستخدام الأساليب الشائقة غير المباشرة كمسرح الطفل والأغاني والقصص الطفلية وصحافة الأطفال ومجلاتهم, وهذه تعد وسائل ناجعة في تمكين أبنائنا الطلبة من مهارات اللغة, وهنا لابد من تأكيد أهمية أدوار المعلم الإيجابية لا في اللغة فحسب بل في هندسة البنيان النفسي والعقلي والقيمي والوطني للطفل, فلا بد من توفير المناخ النفسي التربوي الجيد للمعلم وتطوير واقعه المعيشي والاجتماعي والاقتصادي ليعمل ويبدع في ميدان بناء الأجيال ضمن هذا السباق الحموم الذي يخوضه الإنسان المعاصر في عالم العولمة .

ولا ننسى أدوار وسائل الأعلام بما تقدمه من برامج إذاعية أو تلفزيونية موجهة إلى الأطفال فالبرنامج الطفلي المتقن المنوع الجذاب الناطق باللغة الفصحى فهو من أكثر الوسائل قوة وإقناعا وتأثيراً, والإعلان التلفزيوني أو الإذاعي الذي يعلن عن فكرة أو قيمة إيجابية عندما يؤدى بلغة سليمة فصيحة فلا شك أنه سيجذب الأطفال والكبار على حد سواء ويحقق الرسالة التربوية واللغوية معاً.

ونعلق أهمية كبيرة على القناة التربوية الفضائية السورية في تحقيق هذه الأهداف بتقديم برامج مبتكرة جديدة تحمل رسائل تربوية وعلمية لغوية وقيمية إلى أبنائنا الطلبة وسائر أبناء المجتمع, وهناك المسلسلات والأفلام والتمثيليات الطفلية الناطقة باللغة العربية الفصحى والتي يجب أن تلامس قضايا الأطفال والشباب وتعالج مشكلاتهم ومعاناتهم وتعبر عن حاجاتهم النفسية والمعرفية تصب أيضاً في قلب الهدف.

إن هذه الدعوات المتلاحقة والمكررة لتعزيز اللغة العربية لم تأت من فراغ أو مصادفة, بل هي رد طبيعي دفاعي في وجه الهجمات التي تتعرض لها لغتنا سواء من أبنائها أو سواهم, إنها تواجه تحديات كبيرة عبر المحطات الفضائية ووسائل الاتصال الحديثة التي غزت قلوب الشباب والأطفال واستأثرت بجزء كبير من أوقاتهم وأصبحت جزءاً من حياتهم .

وبعد... إن هذه اللغة العظيمة العريقة,اللغة الثرية الواسعة العميقة, اللغة العذبة الطيعة, الموسيقية الجميلة, لغة الفكر والشعر, لغة الثقافة والحضارة, خزانة التراث, لغة القرآن الكريم... إنها تستحق منا كل اهتمام ورعاية, ولنخصص لها يوم الحادي والعشرين من شهر شباط يوماً للغة الأم, اللغة العربية التي تختزن الدرر واللآلئ في ثناياها.

                                                                        عفاف لطف الله 

عنوان التعليق*:

اسم الكاتب*:

نص التعليق*: